تخطي للذهاب إلى المحتوى

طريق الاستدامة والتميز المؤسسي

​طريق الاستدامة والتميز المؤسسي


قال الله تعالى: “وقل اعملوا فسيرى الله عملكم ورسوله والمؤمنون” [التوبة: 105]


إن أعظم ما تُبنى عليه المجتمعات والمؤسسات هو العمل المؤسسي المنظم القائم على قيم العدالة، والنزاهة، والشفافية، والمسؤولية، وهي القيم ذاتها التي تشكل جوهر الحوكمة الرشيدة. إنها ليست مجرد أنظمة إدارية أو لوائح تنظيمية، بل هي ثقافة مؤسسية شاملة تعكس التزام المنظمة نحو تحقيق أفضل الممارسات في الأداء والإدارة والتأثير المجتمعي.


ما هي الحوكمة الرشيدة؟


الحوكمة الرشيدة هي منظومة من السياسات والإجراءات التي تضمن توجيه المنظمة وإدارتها بشكل مسؤول وفعال، بما يحقق الشفافية، والمساءلة، والمشاركة، والعدالة، ويرسّخ الثقة بين الأطراف المعنية داخليًا وخارجيًا.


وتتجلى الحوكمة في وجود هياكل واضحة لاتخاذ القرار، وتوزيع دقيق للمسؤوليات، وآليات رقابية فاعلة تضمن الالتزام بالأهداف والمعايير.


لماذا تحتاج المنظمات إلى الحوكمة؟


في بيئة سريعة التغير، تتزايد فيها التحديات والمسؤوليات، أصبح تطبيق الحوكمة الرشيدة ضرورة لا رفاهية. وتكمن أهمية الحوكمة في كونها:


1. تعزز الثقة والمصداقية


عندما تتبنى المؤسسة ممارسات حوكمية واضحة، فإنها تعكس للجهات المعنية – من شركاء، ومستفيدين، وممولين، ومجتمع – أنها منظمة جادة، تحترم التزاماتها، وتدير مواردها بشفافية ومسؤولية.


2. ترفع كفاءة الأداء المؤسسي

تؤدي الحوكمة إلى وضوح الأدوار والمسؤوليات، مما يقلل التداخلات ويزيد من سرعة وكفاءة اتخاذ القرار. كما تُسهم في تحسين إدارة المخاطر وتوزيع السلطة بطريقة متوازنة.


3. تحمي الموارد وتضمن استدامتها

من خلال أنظمة الرقابة والمتابعة، تحافظ الحوكمة على المال العام أو التبرعات أو الاستثمارات من الهدر أو الاستغلال، وتضمن توجيهها نحو الأهداف التنموية أو الربحية المحددة.


4. تحقق الامتثال والشفافية


في عصر تزايد فيه التدقيق والرقابة، تُمكّن الحوكمة المؤسسات من الوفاء بالمتطلبات التنظيمية والقانونية والتقارير المالية، وتُجنبها الوقوع في المخالفات أو النزاعات القانونية.


5. تعزز فرص التمويل والشراكات


المنظمات التي تُظهر نضجها الحوكمي تكون أكثر أهلية للدخول في شراكات استراتيجية، أو الحصول على دعم وتمويل من الجهات المانحة أو المستثمرين، لأنها تُعد بيئة آمنة وجاذبة.


6. تُرسخ قيم النزاهة والمساءلة


الرقابة الذاتية والمسؤولية الأخلاقية تبدأ من القمة إلى القاعدة، وهو ما تسعى إليه الحوكمة عبر بناء ثقافة مؤسسية تكرّس المحاسبة والشفافية في كل مسار إداري أو مالي.


الحوكمة في القطاع غير الربحي: ضرورة تنموية


في القطاع غير الربحي، تكتسب الحوكمة أهمية مضاعفة، لكون المؤسسات تُدار غالبًا بموارد متبرعين وتخدم فئات محتاجة، ما يستدعي درجة عالية من الأمانة المؤسسية. وقد نصت الجهات التنظيمية في المملكة العربية السعودية – ممثلة في المركز الوطني لتنمية القطاع غير الربحي – على ضرورة وجود مجالس إدارة فاعلة، وسياسات مكتوبة، وآليات للرقابة والمتابعة، بهدف رفع جودة العمل التنموي وضمان أثره.


الحوكمة والتميز المؤسسي

تُعد الحوكمة الرشيدة ركيزة أساسية في نماذج التميز المؤسسي، مثل نموذج التميز الأوروبي (EFQM)، حيث تُقيم المؤسسات بناءً على جودة قيادتها، واستراتيجيتها، وشراكاتها، ومواردها، ونتائجها. ولذلك، فإن تبني الحوكمة يساهم بشكل مباشر في رفع تصنيف المؤسسة، وتحقيق التميز الإداري، والوصول إلى الاعتماد المؤسسي.


في شركة الأداء الذكي، نؤمن أن الحوكمة ليست مجرد التزام تنظيمي، بل هي استثمار استراتيجي طويل الأمد. ومن واقع خبرتنا في التخطيط والتطوير المؤسسي، نُرافق عملاءنا في رحلتهم نحو بناء نموذج حوكمي متكامل، يضمن الاتساق بين الأهداف، والآليات، والنتائج، ويُحقق الطمأنينة للمجالس، والإدارة، والجهات ذات العلاقة.


في الختام:


إن التحديات التي تواجه المنظمات اليوم لا تُواجه بالقرارات الارتجالية أو بالعمل الفردي، بل بالأنظمة الرشيدة والممارسات المؤسسية المنضبطة. وتبقى الحوكمة الرشيدة هي البوصلة التي تضمن سلامة المسار، ونقاء النية، وجودة الأثر.


“وقل اعملوا فسيرى الله عملكم ورسوله والمؤمنون”

فلنجعل أعمالنا على بصيرة، ومؤسساتنا على نهج، ومسؤولياتنا على قدر الثقة.
طريق الاستدامة والتميز المؤسسي
شركة الأداء الذكي 26 أبريل 2025
شارك هذا المنشور
علامات التصنيف
الأرشيف
تعريف الامتياز التجاري في المنظمات غير الربحية